زوايا الارض الاربع ورياح السماءِ الاربعة

لنرى الفرق بين زوايا الارض الاربع ورياح السماءِ الاربعة نرى أولاََ أين وردت هذهِ الكلمات في الكتابِ المقدسِ :

زكريا ( 2 - 6 ) : هيا هيا إهربوا من أرضِ الشمالِ يقول الربُ فإني قد بثَثتُكُم نحو أربع رياحِ السماءِ يقولُ الربُ.

وفي زكريا ( 6 - 4 ) : فأجبتُ وقلتُ للملاكِ المتكلم معي ما هذهِ يا سيدي ( 5 ) فأجابَ الملاكُ وقال لي هذهِ رياح السماء الاربع التي تخرج من الوقوفِ أمام سيدِ الارضِ كُلها ( 6 ) فألافراس الدُهم التي فيها خرجت الى ارضِ الشمالِ والبيضُ خرجت خلفهاوالنُمرُ خرجت الى أرضِ الجنوبِ ( 7 ) والقويةُ خرجت وطلبتِ الذهابَ لتجولَ في الارضِ. وقالَ إذهبي وجُولي في ألارضِ فجالت في الارضِ.

دانيال ( 7 - 2 ) : أخبرَ دانيال وقال , " رأيتُ في رؤياي ليلاََ فإذا بأربع رياحِ السماءِ قد هجمت على البحر الكبير .

وفي دانيال ( 8 - 8 ) : فتعاظمَ تيسُ المعزِ جداََ , وعند إعتزازِهِ إنكَسَرَ القرنُ العظيم وطلعَ من تحتهِ أربعةُ قرونِِ عجيبة المنظرِ نحو أربعِ رياحِ السماءِ .

وفي دانيال ( 11 - 4 ) : وكقيامِهِ تنكسِرُ مملكتِهِ وتنقَسِمُ الى رياحِ السماءِ الاربع ولا لعقبِهِ ولا حسبِ سلطانهِ الذي تسلطهُ بهِ , لأن مملكتهِ تنقرضُ وتكون لأخرين غيرِ أولئك.

وفي حزقيال ( 37 - 9 ) : فقال تنبأ نحو الروحِ تنبأ يا إبن البشرِ وقُل للروحِ هكذا قال السيد الربُ, " هَلُم أيُها الروح من الرياحِ الاربعِ وهِب في هولاءِ المقتولين فيحيوا."

وفي أرميا ( 49 - 36 ) : وأجلِبُ على عيلام أربع رياح من أربعةِ أطرافِ السماءِ وأذريهم بكلِ هذهِ الرياح ولا تكون أُمةُُ إلا ويأتيها منفيو عيلام.

وفي متى ( 24 - 31 ) : ويَرسِلُ ملائكتِهِ ببوقِِ وصوتِِ عظيمِِ فيجمعونَ مُختاريهِ من الرياح الاربع من أقاصي السماواتِ الى أقاصيها .

وفي مرقس ( 13 - 27 ) : وحينئذِِ يرسِلُ ملائكتِهِ ويجمعُ مختاريهِ من الرياحِ الاربعِ من أقاصي الارضِ الى أقاصي السماءِ .

وفي حزقيال ( 7 - 2 ) : وأنت يا إبن البشرِ هكذا قال السيد الربُ إن لأرض إسرائيل إنقضاء , قد وردَ الإنقضاء على أربعة أطرافِ الارضِ .

وفي أشعيا ( 11 - 12 ) : ويرفعُ رايةَ للأُممِ ويجمَعُ منفي إسرائيل , ويضم مُشَتَتي يهوذا من أربعةِ أطرافِ الارضِ .

وأشعيا ( 24 - 16 ) : من أطرافِ الارضِ سمعنا ترنيمةََ " مجداََ للبارِ ".

وفي الرؤيا ( 7 - 1 ) : وبعد ذلك رأيتُ أربعة ملائكة قائمين على أربعِ زوايا الارضِ يضبطون رياحَ الارضِ الاربعةِ لكي لا تهب ريحُُ على الارضِ ولا على البحرِ ولا على الشجرِ.

ورؤيا ( 20 - 8 ) : ويخرج ليضل الأُممَ الذين في أربعِ زوايا الارضِ جوج وما جوج ليجمعهم للحربِ الذين عددهم مثل رمل البحرِ.

نلاحظ من الفقرات ألسالفة ورود نوعين من العباراتِ في الكتابِ المقدسِ " رياح السماء الاربع" أو عبارة " الرياح الاربع " ونوعِِ آخر من العبارات وهو " أربعة أطراف الارضِ " أو " أربعة زوايا الارضِ " . فأطراف الارض أو زوايا الارض هي التي يعني فيها الكتابُ تحديد المكان وهذه هي طبعاََ أطراف الارض الاربعة والمعروفة بالشمالِ والجنوبِ والشرقِ والغرب .

أما عندما يُريدُ الوحي أن يُبينَ لنا ألزمان والمكان فيستعمل العبارة الاولى وهي كلمة "الرياح الاربعة " وهذهِ تختلفُ تماماََ عن ألاطراف أو الزوايا حيثُ المقصود هو الزمان والمكان معاََ .

فلو أردنا أن نُحدِدَ أي شيْ في العالم فنعملُ على تحديدِ الاحداثيات الثلاثة الخاصة بهِ ( x , y , z ) من نقطة الانطلاقِ أو نقطة نعتبرُها نقطةِ المصدرِ , ولكن تحديد أية نقطة في العالم بهذهِ الطريقة يُحدِدُ مكانها , ولتحديد النقطة ( P ) وليس غيرها إذا مر الزمان أو تغير , فإنهُ لابُد من تحديد الزمان أيضاََ , فالنقطة موجودة في مكانها الان ولكنها قد لا تكون موجودة في الغد أو بعد غد فلذلك وجب تحديد المكان ثُم الزمان أيضاََ , فأنا موجودُُ الان في مكاني ولكن بعد قليل ساكونُ في مكانِِ آخر.

لذلك عندما يتكلمُ الوحي عن جمعِ مختاريهِ فهو يُحددُ الزمان والمكان , فهناك مختاري لله في زمن آدم وفي زمن أخنوخ وفي زمن إبراهيم وفي زمن موسى وزمن المسيح وبعد المسيح ولغاية نهاية العالم . فعندما يرسل المسيح ملائكتِهِ ليجمع مختاريهِ عند صوتِ البوقِ الاخير فسيَجمعون المختارين أجمع من كل الازمنة والاماكن , أي من كل الازمنة التي مرت على الارضِ ومن كل الاماكن على وجه الارض , فلذلك يستعمل الوحي هنا كلمة الرياح فهنا كأنهُ يقول سوف نُرجِع الزمان الى الوراء من وقت النهاية الى وقتِ آدم ونجمعُ المختارين , كلُُ من مكانهِ وزمانهِ حيثُما وافاهُ الاجلُ.

فلو إستعمل لهُ المجد كلمة أُخرى بدل الرياح لما كان بإستطاعةِ سامعيهِ أن يفهموا لها معنى , خاصةََ إذا قال لهم سنجمع المختارين من الماضِ والحاضرِ والمستقبلِ وسنعيد الزمان الى الوراءِ , وسوف نسافرُ عبر الزمن الى الماضِ والمستقبل , لوقف سامعي المسيح لهُ المجد وقالوا هذا كلام مجانين. فلهذا إستعمل لهُ المجد كلمة الرياح لأنها تعطي معنىََ لآذانِ السامعين بالرغم من الابهام وإلتباس التي فيها , إلا أنها تُعطي معنى أشمل للذين يقرؤنها ويسمعونها على مَرِ الزمن والعصور , فاليوم لو قلتَ لأي شخص عن السفر عبر الزمن الى الماضِ أو المستقبل يقبل الفكرة بالرغم من عدم إستطاعةِ أحد لحد الان من السفر عبر الزمن .

والان دعنا نرى معنى الرياح الاربعة وكيف ستكون القيامة فنذهب الى حزقيال :

حزقيال ( 37 - 1 ) : وكانت علي يدُ الربِ فأخرجني الربُ بالروحِ ووضعني في وسطِ البقعةِ وهي ممتلئةُُ عظاماََ ( 2 ) وأمَرَني من حولها فإذا هي كثيرةُُ جداََ على وجهِ البقعةِ وإذا بها يابسةُُ جداََ ( 3 ) فقال لي يا إبنَ البشرِ أتُرى تحيا هذهِ العظامُ . فقلتُ أيها السيدُ الربُ أنت تعلمُ . ( 4 ) فقال لي تنبأ على هذهِ العظامِ وقُل لها أيتُها العظامُ اليابسةُ إسمعي كلمة الربِ ( 5 ) هكذا قال السيد الربُ لهذهِ العظامِ هاءَنذا أُدخِلُ فيكِ روحاََ فتحيين ( 6 ) أجعلُ عليكِ عصباََ وأُنشىُْ عليكِ لحماََ وأُبسطُ عليكِ جلداََ وأجعلُ فيكِ روحاََ فتحيين وتعلمين أني أنا الربُ. ( 7 ) فتَنَبَأتُ كما أُمِرتُ فكان صوتُُ عند تنبؤي وإذا بزلزالِِ فتقاربت العظامُ كلُ عظمِِ الى عظمهِ

( 8 ) ورأيتُ فإذا بالعصبِ واللحمِ قد نشأا عليها وبُسط الجلدُ عليها من فوقُ ولم يكن بها روحُُ ( 9 ) فقال لي تنبأ نحو الروحُ تنبأ يا إبن البشرِ وقُل للروحِ هكذا قال السيد الربُ هلُم أيُها الروحُ من الرياحِ الاربعِ وهب في هولاءِ المقتولين فيحيوا ( 10 ) فتنبأتُ كما أَمَرَني فدخلَ فيهم الروحُ فحيوا وقاموا على أرجُلِهِم جيشاََ عظيماََ جدا جداََ . ( 11 ) فقال لي يا إبن البشرِ هذه العظام هي آ لُ إسرائيلَ بأجمعِهِم. ها هُم قائلون قد يبست عظامنا وهلك رجاؤُنا وإنقطعنا ( 12 ) لذلك تنبأ وقل لهم هكذا قال السيد الربُ هاءَنذا أفتحُ قبوركم وأُصعدكم من قبوركم يا شعبي وآتي بكم الى أرضِ إسرائيل ( 13 ) فتعلمون أني أنا الربُ حين أفتحُ قبوركم وأُصعدكم من قبوركم يا شعبي ( 14 ) وأجعلُ روحي فيكم فتحيون وأُريحكم في أرضكم فتعلمون أني أنا الربُ تكلمتُ وفعلتُ يقول الربُ ( 15 ) ...... ( 25 ) ويسكنون في الارض التي أعطيتُها لعبدي يعقوب التي سكن فيها آباؤُكم فيسكنون فيها هم وبنوهم وبنو بنيهم الى الابدِ وداؤد عبدي يكون رئيساََ لهم الى الابدِ ( 26 ) وأبتُ لهم عهد سلامِِ عهد أبديُُ يكونُ معهم وأؤسسهم وأُكثرهم وأجعلُ مقدسي في وسطهم الى الابد ( 27 ) ويكون مسكني معهم وأكون لهم إلهاََ ويكونون لي شعباََ ( 28) فتعلم الأُممُ إني أنا الربُ المقدِسُ لإسرائيلَ حين يكون مقدسي في وسطهم الى الابد.

نرى هنا عظاماََ يابسة منتشرة متداخلة مع بعضها ولأجسادِِ كثيرة لناسِِ مقتولين , يحومُ النبي حولها وكما لو كان طائراََ فوقها وفوق البقعة , وعندما يقول حزقيال للعظام إسمعي كلمة الرب ( كما أُمِرَ ) نأتي الى كلام السيد المسيح حين يقول " أنا القيامة والحياة"

وفي يوحنا ( 5 - 25 ): الحق الحق أقولُ لكم إنها تأتي ساعة وهي الان حاضرة يسمعُ فيها الاموات صوت إبن الله والذين يسمعون يحيون .

أي لما يسمع الاموات والعظام كلام الرب يقول قوموا يقومون , وهنا تحصلُ زلزلة القيامة زلزلة وقوف الزمان ثُم رجوعه الى الوراء , وتبدأ الرحلة العكسية للفساد , ويبدأُ البناء وتتقارب العظام كلُُ الى صاحبهِ , أي عظام كل جسدِِ الى عظامها , أي عظام نفس الهيكل العظمي , ثم إعادة بناء اللحم والعصب فوق الهيكل العظمي , ثُم عندما يكتمل كل شيْ مكانه كما كان يُبسط الجلد فوقها , وهنا نرجِعُ الى اللحظةِ التي قُتِلَ فيها هولاء المقتولين وهم أجساد أموات , وهنا نرى إنها غير قادرة على الحركة , فهم أموات ثُم يقول الرب : "أأمر الروح من الرياح الاربع أن يهب في هولاء المقتولين", أي ليرجع روح كل واحد من زمان ومكانِ موته ويهب في جسدهِ . فعندما يدخل روح كل واحد فيهِ يعود الى الحياة وتكون القيامة . وكأنهُ لم يمت ولم يرى الموت , كأنهُ كان نائماََ . وهذه هي نفس العبارة التي يستعملها له المجد عندما يُقيم الاموات كما في:

يوحنا( 11 - 11 ) ....... ثُم قال لهم إن لعازر حبيبنا قد رقد لكني أنطلِقُ لاوقظَهُ .

وفي متى ( 9 - 24 ): فقال تنحوا إن الصبية لم تمت ولكنها نائمة فضحكوا منهُ .

نعم هكذا الموت للخالق هو الرقاد والنوم , فإن أُرجِعَ الزمن عاد من التراب الى الحياة فهذا تصورنا نحنُ , فربُ الزمن يقول قوموا فيقومون , يقول كُن فيكون , فالزمنُ الماضِ هو الحاضر وهو المستقبل , والزمنُ لنا وليسَ للخالِقِ .

بقلم / عبد الاحد داؤد

05 / 09 / 1993 



"إرجع إلى ألبداية"