قصة توبـة خاطيْ ليصبح الاب بيتر مكدرموت

ستطول القصة لو حكيت لكم الاحدات والوقائع التي ادت إلى استهداف قتلي واغتيالي , لكن يكفي أن اقول اني قد عشـتُ حياة خطرة ومليئة بالخطايا قبل اليوم الذي غير مجرى حياتي.

لسبب ما دفع لهم احدهم ليمرضوا في ذلك اليوم, ويمكن ان يكون من قبل من اراد أن يتخلص مني, والنقول فقط لم يبقى اخلاص على اية حال. على العموم كُنتُ وحيداََ في ذلك اليوم وبدون حُراسي الثلاثـة, كان علي أن افهم إِنَّ شيئاََ ما لم يكن طبيعياََ, ولكن يبدوا إنَّ غطرستي سببت عدم إكتراثي, وسار كل شيء معي إعتيادي معظم النهار, وفي المساء وكعادتي ذهبتُ إلى نادي الدعارة الذي طالما زرتُهُ, وبينما أنا أسير في الزقاق المؤدي إلى المكان شعرتُ بأنَّ شيء غير طبيعي سوف يحصل لي, قد يكون ذلك بسبب الحاسة السادسة التي لي, وبدل أن أُكمل طريقي , أحسستُ بالتوتر فعدتُ أدراجي وتراجعتُ , لكن قاطع طريقي رجل لم اكن أعرفُهُ وأخرج بندقية من تحت معطَفِـهِ واطلق النار على, كان هناك صوت غير عادي , وأحسـستُ بشيء يدخل في جنبي الايسر وألم حاد , وفي حينهِ كُنتُ أُفكر الا يجب ان يكون الالم من الرصاصة اشد مما أنا أشعر بهِ , وهنا أخرجتُ مسدسي وكنتُ رامي ماهر وصوبتهُ بإتجاه رأس الرجل لأقتلهُ لكن لسبب ما لم يستجبِ جسدي لأُمنياتي , وكل الذي اتذكرهُ قبل أن أفقد الوعي هو إن الرصاصة خرجت من مسدسي وذهبت في الفضاء وأخطئت الهدف , ثُـم إظلمَ كل شيء وسقطتُ أرضاََ.

وبعد ذلك وجدتُ نفسي في المستشفى وشعرتُ بالم شديد ولما تضاعف الالم , وجدتُ نفسي أطفوا بحوالي مترين فوق جسدي ولم اعد اشعر باي الم, لم يحصل لي مثل هذا في حياتي من قبل , كان شيء لا يُصدق ولكن كان هو الحقيقة الحاصلة لي , كُنتُ أنظر إلى اسفل إلى جسدي فوق السرير, كنت أسمع صياح الاطباء وتعليماتهم , وطلب الجهاز لاعادة الحيوية إلى جسدي , فعلمت من الصياح بأن جسدي قد مات , إلا أني لم أكن اشعر بأني ميت , بل بالعكس تماماََ لم اشعر يوماََ في حياتي باني بأحسن حال مما شعـرتُ به في تلك اللحظة, والشيء الاهم لم يكن لي أي شعور يربطني بالجسد تحتي وكأنَّهُ ليس لي.

في البداية كنت اسمع كلام الاطباء واوامرهم لبعض بوضوح , ولكن اصواتهم بدأت تبتعد عني وبدأتُ أشعر كأن أحد يسحبني بعيداََ عن المنظر الذي كان تحتي , وفجأةََ وجدتُ نفسي محاط بنور شديد جداََ لا استطيع وصف قوتهِ وكأنَّ كل شيء دخل في النور من شدتِـهِ, ويبدوا انه يحتوي كل شيء من حدة قوته, وكان من الشدة بمكان بحيث لا يستطيع شيء ان يؤثر فيهِ بل يصبح جزء منه , وكان يمكن أن يخترق الحديد او اي مادة  , وكان هذا النور هو الغالب على كل شيء.

كنتُ قد سمعت عن اُناس ادعوا انهم ماتوا وعادوا إلى الحياة وانهم مروا في نفق ما , ولكني لم ارى اي نفق, كل الذي رأيتهُ كان هذا النور الشديد وقد تعتقد إنَّ نوراََ بهذه الشدة يمكن أن يحرق العيون ويتلفهـا , ولكنهُ كان ضوء لطيف ومُحِب ومُغذي, وكان بطريقة غريبة نور منظف.

وفجأةََ نُقِلتُ إلى مكان آخر , الذي لم استطع أن اوصفه جيداََ لغاية اليوم , حيثُ إِنَّ الكلمات التي يجب أن تصف هكذا مكان كامل أخاذ الجمال لم تخترع بعد, وكلمات اللغة لا يمكن أن تصف ما رأيتُ أو شعرتُ بهِ, لكني كنت أعلم إني إنتقلت عبر مسافات شاسعة خلال فترة قصيرة جداََ , فقد تم نقلي بسرعة تفوق تصورنا الصبياني البشري. فقد إنتقلت إلى غابة أخاذة الجمال بكل ما يمكن تخيله او تصورهُ, لم يكن هناك ولا حتى ورقة عشب واحدة ميتة أو ورقة شجرة يابسة واحدة , وكان هناك موسيقى تنبعث من كل مكان وفي كل مكان , وكأنها تنبثق من كل شيء حتى مني أنا , لم تكن كالموسيقى الارضية فلم توجد أو يوجد اوركسترا إطلاقاََ في تاريخنا على الارض تستطيع أن تقترب او تحاكي جمال وروعة هذه الموسيقى السماوية, وبكل إتجاه نظرت كان هناك أزهار من كل لون وشكل جذابة تخلب القلب ممتدة إلى المالانهاية وكأنها سجادة فخمة ورائحتها منعشة للنفس , ولاحظتُ إنَّ قدمي لا تؤذي العشب او الازهار وانا اسير فوقها , ولاحظتُ باني واياها أجزاء معاََ نشكل تناغم وتناسق لشيء اكبر منا , شيء لا يمكن رؤيته , ولا وصف قوته , لكنه مملوء بالحب , يمكن القول كالحب الذي يشعر بهِ الرضيع وهو في احضان أُمه, ولما سرت وصلتُ إلى جدولِ ماء , ماءُه صافي كالكرستال, وكنت أرى سمك من كل لون يسبح فيهِ , وعندما نظرت إلى الاعلى وجدتُ أُناساََ إجتمعوا حولي , وهم يبتسمون مرحبين بي, كنت أعرف من هم , لكن هذهِ المعرفة كانت روحية وليست فيزيائية , كانوا مجموعة من الاهل والاقارب وبعض الاصدقاء مِنْ مَـنْ إنتقلوا إلى الحياة الآخرة من فترة بعيدة من قبل, وآخرين من فترة حديثة , وعلمت بأني أعرفهم روحياََ وليس جسدياََ لأنهم كانوا لا يشبهون الذين عرفتهم على الارض , حيثُ كانوا احسن حالاََ واكثر صحة وكان هناك هالة من السلام والفرح تشع منهم, وعندها فهمتُ لماذا لم يعرف التلاميذ المسيح بعد قيامته وسيره معهم في طريق عماوس وذلك لأنَّـهُ كان بشكل آخر بعد القيامة, وهنا أيضاََ أقاربي كانوا مختلفين أيضاََ , كانوا انفسهم الذين عرفتهم وأحببتهم , إلا أن شكلهم  كان مختلف , لذا أقول عرفتهم روحياََ وكانوا جميعاََ يرتدون ملابس طويلة فضفاضة بيضاء تعكس النور.

سألتُ الكثير من الاسئلة, واتاني الجواب فوراََ وكأنني أرتبطتُ بمركز العلم والمعلومات, وفجأةََ لفت إنتباهي مجموعة من الطيور وهي تطير فوقي سابحة في الفضاء , واحسـستُ بلمسة خفيفة في قدمي ولما نظرتُ , رأيتُ كلبي الصغير الذي كنتُ أمتلكه عندما كنتُ طفل صغير , والذي أتذكر كم بكيتُ لموتهِ , وها هو الآن يرحب بي هنا , وأتاني شعور من داخلي يقول " الحب أبدي لا يزول" .

على مسافة بعيدة رأيتُ حائِط عالِ يمتد بعيداََ في كلِ إتجاه, لم أرى مثل هذا البناء سابقاََ في حياتي , الحائط كان مئات من الامتار ارتفاعاََ , وكان في الحائط بوابة كبيرة يصعب وصفها لكبرِ حجمها وروعتها, وكأنها مصنوعة من ذهب خالص ولها تصميم كبير مصنوع من مادة لؤلوئية تشع وينبعث منها النور بألوان مختلفة, وعلمت بأن كل ذهب العالم لا يكفي لصنع هكذا بوابة , فلابد أن كان هناك فيها من الذهب الاف الاطنان, وكانت البوابة مزينة بطريقة جداََ معقدة بحيث لم يكن ممكناََ الرؤيا من خلالها, وكان فوق قمة الحائط مئات من الابراج وكأنها ترتفع أميالاََ إلى السماء, لم أرى مثلها بحياتي أبداََ .

وفجأةََ وفي طرفة عين , إنتقلتُ إلى مكانِِ آخر, فوجدتُ نقسي واقفاََ فوق قمة تل, وبجانبي شجرة مزينة بتحف من زهور بنفسجية وعبيرها يتدفق علي كموجات موجات, وشعرتُ بوجود رجل واقف بجانبي ووضع يده على كتفي كما يضع الاخ الاكبر يده بحنية على أخيه الطفل الصغير, وعلمت بالغريزة من هو الرجل, وبمجرد شعوري به إمتلأ قلبي بسرور لا يوصف وإمتلئـتُ بحب لم أعرف مثله حب في حياتي, كان هذا الحب يتدفق كالنهر منه إليَّ , حب ملئني وطوقني وفاضَ عليَّ , وكان هذا الرجل هو يسوع المخلص الذي كنت قد سمعتُ عنهُ في طفولتي وفي مدارس الاحد, وعبثاََ حاولتُ الاستدارة للنظر في وجهِهِ , ولكنَّ شيِِْ ما لسبب لم أفهمُـهُ  منعني من رؤيةِ وجههِ, لم يكن ذلك ممكناََ , لكني نظرتُ إلى يدهِ التي كانت على كتفي فكانت سمراء وقوية ولكن عندما حاولت النظر بإتجاه وجههِ كأنَّ نظري تشوشَ  ولم أرى وجهَـهُ , كنت بحضرتِهِ كطفل صغير وكنت أُريد البُكاء لأني كنتُ أشعر بحبهِ اللامتناهي لي, ولكن في نفس الوقت كنتُ أشعر بالم الذي سببتهُ له بسبب نوع الحياة التي عِشـتُها , وكنت في غاية الخجل بسبب الألام والجروح التي سببتها لهذا المخلص المملوء بهكذا حب فياض, كل الاعمال التي عملتها في حياتي انسابت على كموجات موجات من الندم الفضيع وشعرتُ وكأنني قد خرجتُ للتو من بالوعة المجاري العفنة مملوء بالريحة الكريهة والوساخة التي بانت عليَّ بوضوح. كان كل شيْ علني واضح للعيان لم يخفى أي شيْ , وفي تلك اللحظة ندمتُ وتبتُ من أعماق روحي على كل ما فعلته , كُنتُ أشعر بالالم العميق الذي تسببتُ بهِ لهذا الرجل الكلي الكمال, وشعرتُ بأني لا استحق أن أكون بقربهِ , وفجأةََ أحسـسـتُ ما تعنيهِ كلمة الإشمئزاز من معنى, وهنا قال لي بصوت وصل أعماق أعماقي, "  أنت تفهم الآن أليس كذلك؟" . وفي تلك اللحظة نعم فهمت , فهمت ما لم افهمُ من قبل , وفجأةََ شعرتُ كأنَّ وزن مئات من سنادين الحديد قد أُزيحت من فوق أكتافي, شعرتُ وكأنني أستطيع أن أقفز في الهواء إلى عشرات الامتار علواََ , وكل الخطايا المقيتة , والقذارة والخجل العميق , والشعور بالانفصال وعدم الاستحقاق قد أُزيلت وجاء مكانها شعور بسلام لا يمكن وصفه وتصديقهُ , علمت حينئذِِ إنَّـهُ قد سامحني .

 تُم رأيتُ رؤيا للارض من بعيد, وعلمت ان هذا اراه لافهم شيء ما, كنت ارى الاف الاضوية البيضاء ذات زرقة خفيفة وهي تتجه نحونا , وقال لي يسوع هذهِ هي صلوات الناس الذين يحبوني وهي تأتي لتسقط عند أقدام ابي , وكل واحدة تُسمع, بيتر أُريدك أن تعرف " إنّي مع كل الذين يُحبوني على الدوام, وراح المسيح يكلمني لما بدى وكأنَّـهُ وقت طويل جداََ , كلمني عن امور شخصية, وأعطاني بعض التعليمات , وعندما إنتهى من الكلام وضعتُ يدي فوق يدهِ التي كانت على كتفي, وفي طرفة عين كنت في المستشفى ثانيةََ .

في باديء الامر بعد رؤياي كنتُ حزين جداََ وقد خابت آمالي, لم أكن أُريد أن أعود إلى هنا البتة, لم يعد هذا هو المكان الذي أُريد أن أكون فيهِ , ألذي أُريدهُ من كل قلبي فعلاََ هو أن أكون واقفاََ بجنب المسيح, ولكني تذكرتُ تعليماتهِ وكلامه معب , حين قال " ها أنا معكم في كل حين" وأنا فعلاََ أشعر بوجوده معي هنا , ولذا شعرتُ بأنَّ كل شيء سيكون على ما يُرام.

وبعد يوم وبعض يوم تركتُ المستشفى , وأخذتُ أتخلص من كل مقتنياتي التي أشعرتني وكأنني قذر بوجودها معي , فأنا أعلم الان ماذا تمثل هذهِ المقتنيات ولم أعـد أرغـب بها , والشيء الذي أُريدهُ لا يباع هنا من ضمن الماديات ولا يُسَـعـر أو يُثَـمن, وإكتشفت بأني قد حزتُ على معرفة واسعة لم تكن عـندي سابقاََ , معرفة واسعة وعـميقة جداََ , وبدأتُ أُفكر بطريقة مختلفة عـما كنت سابقاََ أفعـل, وعـلمت إن الله قد باركني , وليس هناك كثيرين مِـنْ مَـن كانوا خطاة فاسدين مثلي قد حصلوا على فرصة جدبدة, فاني أشعـر وكأني خُـلِـقتُ من جديد, وبدأتُ أُغـير كل شيء في حياتي.

شيئاََ فشيئاََ بدأتُ اوزع مقتنياتي, وأعتقد إن زوجتي ظنت باني قد جُنِـنتُ , وأرسلتُ إبنتي وزوجتي إلى المكسيك فقد كنت أعلم إن من حاول قتلي قد يحاول ثانيةَ , ولم أرغب أن يشمل هذا ويورط إبنتي وزوجتي وعلى العموم كانت أم زوجتي وحيدة وبحاجة لمن يعتني بها.

بدأتُ بقراة الكتاب المقدس , ولسبب غريب شعرتُ وكأني أعرفة بالسليقة, قد يكون المسيح قد أعطاني من المعرفة كل ما أحتاج اليهِ للعمل باسمهِ, فلما التقي أحد بحاجة إلى تعزية أرى نفسي أقول كلام كأنَّـهُ هو الذي يتكلم من خلالي, واليوم أصبحت قسيساََ لابحث عـن الانفس الضائعـة كما كنت انا سابقاََ , واتي بها إلى المسيح واحكي لهم عـن المسيح ليرجـعوا إليهِ قبل فوات الأوآن, لأُحاول إنقاذهم بمجدهِ من جهنم التي تنتظر كل واحد حالته كحالتي السابقة.

عـندما كنت صغـيراََ كنت أذهب إلى مدارس الاحد وكنتُ مؤمن بالمسيح ثُم إبتعـدتُ عـنهُ ولكنهُ لم يبتعـد عـني هو , وهذهِ الحقيقة هي التي أعطتني الفرصة الجديدة , وانا أعلم هذا لأنَّـهُ هو قال لي ذلك, فعـندما قال المسيح دعـوا الاطفال يأتون إليَّ كانت هذهِ الجملة مفيدة جداََ , ويجب أن نتعلم معناها , فممكن أصلاح ما قد ينكسر ما دام هناك , ولكن لا يمكن عمل شيْ لمن ليس له ايمان مغـروس فيه ابداََ.

وهنا كلمة أخيرة أقولها لكم" المسيح أمامكم فأذهبوا اليهِ , واتركوا نفايات العالم فهي لن تفيدكم بشيء , سوى إنها قد تُعـطيكم بعض الراحة الموقتة أرضياََ , ولكن إعـلموا ليس من شيْ يعوض عـن المعـرفة بأن المسيح معكم دائمـاََ وإنهُ صديقكم ومخلصكم.        


ترجمة/ نوري كريم داؤد

28 / 06 / 2006 



"إرجع إلى ألـبــدايــة "