الـثـالـوث الأقـدس

أَجِدُ نفسي مُلزماََ أن أشهد أمامكم بأن الاب والابن والروح القدس هُم إلهاََ واحداََ فقد رأيتُ ذلك بنفسي في رؤيا ظهرت لي وأنا صغير وفي وضوحِ النهار, فلقد رأيتُ مسيحاََ كبيراََ وآخرَ صغيراََ وحمامةََ كُلها نور وفي آنِِ واحدِِ وكان معهُم مريمُ العذراءُ نعم لقد رأيتُ " الآب والإبن والروح القدس " وأنا لستُ بِصَدَدِ أن أكتُبَ لكي أُثبِتَ لكُم رؤياي , ولكن لأُوضِحَ إن ألآب وألإبن والروحِ القدس هُم إلهاََ واحداََ, ولقد رأى النبي إبراهيم ذلك كما في التكوين الفصل الثامن عشر, فلقَد رأى ثلاثَةَ رِجال وقوف أمامَهُ فَسَجَدَ الى الارضِ أمامهُم وتَكَلَمَ معهُم مرة بصيغةِ الجمعِ ومرة بصيغةِ المُفرَدِ :

التكوين ( 18 - 2 ) : بادرَ للِقائِهِم ( جمع )...... ( 3 ) وقالَ يا سيدي ( مُفرد ) إن نِلتُ حظوةََ في عينييكَ ( مُفرد ) فلا تَجز عن عبدِكَ ( مفرد ) ( 4 ) فَيُقَدِمَ لَكُم ( جمع ) قليل ماءِِ فتغسلونَ أرجِلَكُم ( جمع ) وتَتَكِئُونَ تحت الشَجرةِ ( جمع ) ..... ( 9 ) ثُمَ قالوا ( جمع ) أين سارة إمرأتُك , قالَ هي في الخباءِ ( 10 ) قالَ ( مُفرد ) سَأرجِعُ إليكَ ( مُفرد ) في مِثلِ هذا الوقتِ من قابِلَ ويَكونَ لسَارة إمرأتُكَ إبنُُ .

هنا نرى إن الرب تجلى لإبراهيم بصورةِ ثلاثةِ رجال دلالة على الأقاليم الثلاثة في الجوهر الإلهي , ولهذا خاطَبَهُم إبراهيم تارة بصيغَةِ المُفرد وتارة بصيغةِ الجمعِ لِذهولِهِ بالمنظرِ , وسَجَدَ لهُم. فهُو رأى ثلاثة ولَكِنَهُ خَرَ ساجداََ لواحد.

وبعد هذهِ المقدمة لشهودِ العيانِ نأتي الى إثباتِ هذا السر ألإلهي العظيم , بالرغمِ من معرفتِنا إن إدراكنا محدود ولكن سوفَ نُحاولُ البرهان بطريقةِِ رياضية بسيطة :

إن "الله الآب والله ألإبن والله الروح القدس إلهاََ واحِداََ "

فأي رمزِِ نُشَبِه بهِ الله, فيقولُ سُبحانَهُ في :

أشعيا ( 40 - 25 ) : فبِمَن تُشَبِهوني فأُساويهِ يقول القدوسُ ( 26 ) إرفعوا عيونكم الى العلاءِ وانظروا , من خلقَ هذهِ؟ من الذي يُبرِزُ جُندها بعدَدِِ ويدعوها بأسماءِِ لعظمةِ قدرتِهِ وشدةِ قوتهِ , فلا يُفقَدُ أحدُُ ....... ( 28 ) أما عَلِمتَ أوما سَمِعتَ إن الربَ إلهُُ سرمديُُ خالِقُ أقاصي الارض , لا يتعبُ ولا يَعيَي ولا فَحصَ لفهمِهِ .

فماذا نرمزُ للإله ؟؟ أي رمز يُمَثِلهُ , أو حتى يُشيرُ اليهِ من بعيد ؟؟ فنرى العلمَ عندما جاءَ ليُفَسِرَ لنا ويُقَربَ من إدراكِنا تكوين الذرةِ ( نعم ذرةََ واحدةََ من المادةِ ) لم يستطِع أن يستعمل الرياضيات ألإعتيادية المعروفة لتفسيرِ وحِسابِ مستوياتِ الطاقةِ لمدارات الألكترونات المُختلفة حولَ نواةِ الذرةِ , فإستنبَطَ العلماءُ رياضيات جديدة أسموها "كوانتم" ليحسبوا الطاقة الناتجة أو المطلوبة لنقلِ الكترون واحد من مدارِِ الى آخر حول نواةِ الذرةِ , نعم إستدلوا بالكوانتم ليقَربوا تكوين ذرةِِ واحدةِِ من أذهانِنا ومن مجالِ تفكيرنا وإدراكِنا , فما بالكُم إن إنتقَلنا بهذا العقل الصغير من الذرةِ الواحدة الى " الله سبحانَهُ " هذا الإله الذي هو الكل في الكل , مالِءُ الكل خالِقُ الكل.

فدعنا نتفحصُ صفات هذا الإله اللامُتَناهي , علنا نستطع أن نُحَدد شخصيته , ونفهمُ طبائِعَهُ وخصائصَهُ , فنرى إِنَهُ :

الروحُ الأزليُ + الخالقُ + المتواضِعُ + المُحِبُ + النورُ ألأزليُ + القدوسُ + الحقُ + المُهيمنُ + المجيدُ + الغفورُ + الرحمن الرحيمُ + الباريُ + الملكُ + العادلُ +الجبارُ + القويُ + العزيزُ + الجليلُ + السلامُ + المُباركُ + الرزاقُ + الروؤفُ الحيُ + القيومُ + العليُ , .... . جَلَ جَلاله فهذهِ بعضُُ من صفاتِهِ, وبعضُُ من أسماءِ الإلهِ الواحدِ .

+ فهو خالِقُ الكل , أي خلَقَ من العدمِ كلَ شيْ , أي مالانهايةَ لهُ من الخلقِ .

+ وهو المتواضِعُ الذي تنازَلَ ليُشاركنا نحنُ البشر إنسانيتنا , فولِدَ في مغارةِِ في مذودِ , أي مالانهاية لهُ من التواضع .

+ وهو المُحِبُ الذي بَذَلَ نفسَهُ لخلاصِ البشرِ, أي الذي لهُ مالانهاية لهُ من الحبِ والعطاءِ .

+ وهو القدوسُ, قدوسُ القدوسين , مُقَدِسُ الكل , أي الذي مالانهاية لِقُدسَيتِهِ .

+ وهو الحَقُ والحقيقةُ الوحيدةُ في العالَمِ أجمع , وهو حقيقةُ كل شيْ , أي لهُ مالانهاية لهُ من الحقيقةِ في ذاتهِ .

+ وهو الإلهُ المهيمِنُ الصباووت , الذي يَملأُ السماءَ والارضَ من مجدِهِ,أي الذي لهُ مالانهاية لهُ من الهيمنةِ والمَجدِ .

+ وهو الغَفورُ الرحمن الرحيمُ , الذي يُبدي ل،نا نحن البشر مالانهاية لهُ من المغفرةِ والرحمةِ .

+ وهو المَلِكُ , ملكُ الملوكِ وربُ الاربابِ الذي ليس لِمُلكِهِ إنقضاء, أي الذي مالانهاية لِمُلكِهِ.

+ وهو العأدِلُ المنصِفُ الذي لا جور عندهُ أي الذي لا نهاية لعَدلِهِ.

+ وهوالجبارُ العزيزُ القوي الذي مالانهاية لجبروتِهِ وقوتِهِ وعزَتِهِ.

+ وهو الجليلُ , الذي جلَ جلالَهُ وسلطانَهُ فوق كلِ سلطان, أي الذي مالانهاية لِسلطانِهِ.

+ وهو السلامُ , الذي قال " سلامي أُعطيكُم , سلامي أمنحَكُم, لستُ كما يُعطي العالمُ أعطي أنا" أي واهب السلام الذي لهُ مالانهاية لهُ من السلامِ .

+ وهو المُباركُ , تباركَ إسمه الذي يُباركُ كلَ شيْ, أي الذي لهُ مالانهاية من البركات.

+ وهو الرزاقُ الذي يرزِقُ الاخيارَ والأشرارَ على السواء , الكامل الرزق الذي لهُ مالانهاية من الارزاقِ.

+ وهو الروؤف الذي يرأَفُ بنا نحنُ الخطاة ويقودنا الى التوبةِ وإلا لكان أهلكنا جميعاََ مع صدورِ أولِ خطيئةِِ منا , أي الذي مالانهاية لِرأفَتِهِ وحلمِهِ.

+ وهو الحي ومُحي كلَ شيْ , ربُ الحياة الذي لهُ مالا نهاية لهُ من الحياةِ في ذاتِهِ.

+ وهو القيوم الذي إذا سَمِعَ الامواتُ صوتَهُ قاموا من الموتِ الى الحياةِ وكأنَهُم كانوا نائمون , أي الذي مالانهأية لسلطانِهِ على القيامةِ في ذاتِهِ.

+ وهو النورُ الازليُ الذي أشرقَ في ظُلماتِ العدمِ, فسارت خلائِقَهُ في نورهِ الابدي العجيبِ , أي الذي لهُ مالانهاية لهُ من النورِ في ذاتِهِ.

+ وهو العليُ الذي تعالى وسمى فوق كل شيْ , اي الذي مالانهاية لعلائِهِ وسموهِ.

فهذهِ بعض صفاتِ إلاهنا وهو غير مُتَناهي في كلِ شيْ. والان دعنا نرى ما يقولهُ إنجيلُ يوحنا عن هذا الإله السرمديُ :

يوحنا ( 1 -1 ) : " في البدء كان الكلمة , والكلمة كان عند الله , وكان الكلمة الله" ( 2 ) هذا كان في البدء عند الله ( 3 ) كلُُ بهِ كوُن وبِغَيرِهِ لم يكن شيْ مما كُوُن . ( 4 ) فيهِ كانت الحياة, والحياة كانت نور الناس ( 5 ) والنورُ يضيُْ في الظلمةِ , والظلمة لا تُدرِكهُ ."

والان دعنا نذهب الى سفرِ التكوين لنرى ما يبدأُ بهِ كِتابُ الله :

التكوين ( 1 1) : في البدءِ خلقَ اللهُ السموات والارضَ .

أي في البدء كان الله وهو الذي خلقَ السمواتَ والارضَ وكلَ شيْ في الوجودِ , أي كانَ الله الواحدُ موجوداََ فقط , وكل شيْ آخر كان عدماََ وصِفراََ أي لا وجودَ لهُ, ففي عِلمِ الحسابِ يكون الله :

الله الواحد / العدم = واحدُُ موجود / الصفر = 1 / الصفر = المالانهاية = µ

ولما كان إلهنا غير مُتَناهي في صِفاتِهِ, وكان هو لا نهاية لهُ قبل خَلقِ أي شيْ أي بإلهِ الواحد الغير مُتناهي في كل شيْ فدعونا نرمِزُ لإلهنا الواحد بالرمزِ 1gµ.

والان دعونا نتفَحَصُ قانون إيماننا لِنرى حقيقةَ إيماننا كما هي, فنحنُ نؤمن بإلهِ واحدِِ ذو ثلاثةِ أقاليم نؤمن :

( 1 ) بإلله الآب الضابِطِ الكل , خالِق السماء والارض , وكل ما يُرى وما لا يُرى, أي إلهُُ حقُُ نورُُ أزليُُ كاملُُ هو الذي خلَقَ كلَ شيْ بقدرتِهِ الغير مُتناهية وبِظَبطِهِ الغير مُتناهي لكلِ شيْ. أي الله الاب الغير مُتناهي في صفاتِهِ وخلقِهِ وقُدراتِهِ. فدعونا نرمِزُ لهُ بالرمزِ fµ

( 2 ) ونؤمنُ بربِِ واحدِِ يسوع المسيح إبن الله الوحيد,المولود من الآبِ قبل كُلِ الدهورِ, الهُُ من إله, نورُُ من نور , إلهِِ حق من إلهِِ حق, مولودُُ غيرِ مخلوق , مساوي للآبِ في الجوهر والذي على يَدِهِ صارَ كل شيْ, والذي من أجلنا نحنُ البشر ومن أجلِ خلاصِنا نَزَلَ من السماءِ وتَجَسَدَ بِقوةِ الروحِ القُدسِ من مريمِ العذراءِ وتَأنس وصُلِبَ عنا في عهد بيلاطس البنطي تألمَ ومات ودُفِنَ وقام في اليومِ الثالثِ كما في الكُتِبِ وصَعِدَ الى السماءِ وجَلَسَ عن يمينِ اللهِ الآبِ وأيضاََ سيأتي بِمَجدِِ عظيم ليُدين الاحياءَ والأموات والذي ليسَ لِمُلكِهِ إنقضاء .

أي نؤمنُ بالله الإبن الذي فدانا على الصليب ليهِبَنا الحياة ويُخَلِصنا, أي نور الحقِ اللامتناهي, المولود من الآب قبل كل الدهور , المُحِب اللامُتَناهي والمُتَواضع بغيرِ حدودِِ, الذي أعطى وبَذَلَ نفسَهُ عنا بدونِ حدود, أي الذي لهُ مالانهاية من الحُب والعطاء , أي الله الإبن الكامل المحبة والفِداءِ . ودعونا نرمِزُ لهُ بالرمزِ sµ

( 3 ) ونؤمنُ بالروحِ القدسِ , الربُ المُحي المُنبَثِقُ من الآبِ وألإبن والذي مع ألآب والإبن يُسجَدُ لهُ ويُمَجَدُ , الناطِقُ بألأنبياء, أي نؤمن بالروحِ القدس الذي ينبَثِقُ من الآبِ وألإبن, والذي يُحي كُلَ شيْ, الذي لهُ مالانهاية لهُ من الحياةِ والمَجدِ والنورِ في ذاتِهِ والذي بهِ يُنيرُ عقولَ الانبياء . أي الله الروح القدس ونرمزُ لهُ بالرمزِ hµ

ونعلَمُ من عِلمِ الرياضيات إن :

µ = 3 µ + 2 µ + 1 µ
أي : المالانهاية ( 1 ) + المالانهاية ( 2 ) + المالانهاية ( 3 ) = مالانهاية.

ونرى إنَ هذهِ المُعادلة تنطَبِقُ أيضاََ هُنا لِتقريبِ حقيقة الهنا الواحد من فِكرِنا البَشَري المحدود فنرى :

µ f + µ s + µ h = µ 1g
أي إنَ : الله الآب الغير مُتَناهي + الله ألإبن الغير متناهي + الله الروح القدس الغير مُتناهي = الله الواحد الغير مُتَناهي

أي : الله ألآب + الله الإبن + الله الروح القدس = ألإله الواحد ألأحد.

وألان دعنا نرى ما قالهُ لهُ المجد فادينا يسوعُ المسيحُ في :
يوحنا ( 17 - 5 ) :-والان مجدني أنتَ يا أبَتِ عندك بألمجدِ الذي كانَ لي عندكَ قبلَ كونِالعالم ..... ( 11 ) أيُها ألآبُ القدوسُ إحفَظ بإسمِكَ الذينَ أعطيتَهُم لي ليكونوا واحداََ كما نحنُ واحدُُ............. ( 17 ) قَدسهُم بِحَقِكَ, إن كَلِمَتِكَ هي الحق.......... ( 20 ) ولَستُ أسألُ من أجلِ هولاءِ فقط بل أيضاََ من أجلِ الذين يؤمنونَ بي عن كلامِهم ( 21 ) ليكونوا هُم أيضاََ فينا حتى يُؤمنَ العالم أنكَ أنتَ أرسلتني ( 22 ) وأنا قد أعطيتُ لهم المجدَ الذي أعطيتَهُ لي ليكونوا واحداََ كما نحنُ واحد ( 23 ) أنا فيهِم وأنتَ فيَّ لِيَكونوا مُكَملينَ في الوحدةِ حتى يعلَم العالم إنكَ أنتَ أرسلتني وإنَكَ أحبَبتَهُم كما أحبَبتني.
فدعنا نرى كيفَ يكون هذا؟؟ كيفَ يَتَحِدُ بألله تلاميذُ المسيح والمُؤمنين بالفادي عن كلامهِم؟؟ وكيفَ يُمكن أن يُكَمِلُوا في الوحدةِ؟؟ بعدَ أن يكونوا قد وسِموا بوسمِ الحياة, وقُدِسوا بالدمِ الطاهِرِ المُراقِ على الصليبِ , وولِدوا ولادةََ جديدة من الماءِ والروحِ , ومُنِحوا الحياةَ بِجَسَدِ ودمِ الفادي, فنرى إنَ المسيح لهُ المجد يَطلِبُ إضافَتَهُم الى الوحدةِ الثُلاثيةِ ألأزليةِ, ليَكونوا مُكَمِلِينَ في الوحدة ذاتِها , وأن يكونَ اللهُ هو الكل في الكل . فنرجِعُ الى الرياضيات ثانيةََ ونرى إنُ ذلِكَ مُمكِنُُ أيضاََ :

µ = µ + ( أي عدد محدود )

:أي

المالانهأية = المالانهاية + ( أي عدد محدود )

وأيضاََ :

1 µ = 1µ + ( أي عدد من المُتَبَررينَ بالفِداءِ )

أي : الله الواحد اللامتناهي = الله الواحد اللامُتناهي + أي عدد من المُبَررينَ بدمِ المسيحِ المُراقِ على الصليبِ .

أي إن الآب يُخضِعُ كُلَ شيْ للإبن, ومِن ثُمَ يُخضِعُ الإبنُ نَفسَهُ للآبِ, ويكونَ اللهُ هو الكل في الكل .

فهذهِ المالانهاية هي رمزُُ بعيدُُ كل البُعد عن لاهوتِ الخالقِ , ولكِنها الرمز الذي يُقَرِبَهُ من أذهانِنا البشريةِ المحدودةِ , وبِطريقةِِ رياضيةِِ حسابيةِِ بسيطةِِ ولكن متى إتَحدنا بالخالِقِ حينَئِذِِ نعلَمُ كلَ شيْ كما يُعَلِمُنا هو. أما الان فإننا كما قالتِ العذراءُ مريمُ " نَعلَمُ كُلَ شيْ , ولَسنا نَعلَمُ شيئاََ" ومتى جاءَ المسيحُ في مجدِهِ هو يُعَلِمُنا كلَ شيِِْ .

بقلم / عبد الاحد داؤد

05 / 09 / 1993 



"إرجع إلى ألبداية "