الخروج

كثير من الناس يعتقدون إن الخروج هو فصل الخروج من الانجيل الذي يحكي قصة خروج بني إسرائيل من دار العبودية من مصر بقيادة نبي الله موسى وذهابهم الى ارض الميعاد في فلسطين.وهذا هو إعتقاد ناقص. حيثُ ان هذا الخروج ليس الا الخروج الرمز الذي يروي قصة خروج بني إسرائيل من دار العبودية الرمز مصر وذهابهم الى ارض الميعاد المتمثلة في فلسطين وبألتحديد الى اورشليم. الا أن الخروج أشمَلَ من ذلك بكثير . ولم يفهم بني البشر معنى الخروج الحقيقي بحيث إستمروا يقاتلون بعضهم بعضاََ من اجل ارض فلسطين واورشليم الحالية الارضية معتقدين إنها فعلاََ ارض الميعاد الحقيقة. وكان هذا هو خطاْ جميع البشر الذين راموا الوصول الى الجنة باعمالهم وبافعالهم وإمتلاك الارض عسى أن يوصلَهُم ذلك الى الفوز برضا الخالق سبحانهُ وتعالى. معتقدين إن الله بهذا سوف يجعلهم من جملة شعبه المختار ويهبهم جنات النعيم والخلد .الا أن ذلك لم يجلب عليهم الا القتل والتشرد مئات السنين .فلو فهموا معنى الخروج لما كانت كل هذه الالام, فأورشليم الارضية هي مقدسة فعلاََ.الا انها ليست اورشليم الخالدة الحقيقة التي ستبقى الى الابد .فالخالدة هي اورشليم السماوية التي يسكنها الله مع قديسيه وهم سيكونون شعبه المختار الحقيقى . ولن يأتوا اليها فاتحين بألسيوف والرماح ولا بألطائرات والقنابل والرشاشات فارضين أمر الواقع بقرارات الامم المتحدة أو غيرها, نعم لن يدخلها أحد الا من إستحقها وأتاها برضا الخالق ومن أبوابها الاثناعشر.

فقد إبتدأ الخروج الحي الحقيقي قبل ولادة نبي الله موسى بكثير.وما فعله موسى وشعبه اليهودي وقصة الخروج من مصر الى ارض فلسطين لم تكن الا رمزاََ يروي بألرموز قصةََ مسرحية حية للخروج الحقيقي لبني البشر ومن أدرك معنى القصة ومغزاها يفهمُ على الفور إن الله سبحانه يحكي لنا قصة الخروج الحقيقي لبني البشر من الخطيئة التي وقعوا فيها فإستحقوا الموت الابدي وليس فقط الموت الجسدي حيثُ إنهم أصبحوا اسرى لدى إبليس الذي أوقعهم في الخطيئة والمعصية وحيثُ إن آدم وحواء وقعوا بالخطيئة عن جهل وبحيلة من إبليس وقد طلبوا من الله المغفرة وأعلنوا بأنهم نادمون , لم يبقى أمام الخالق الا حَلين الاول هو أن يرميهم فوراََ في جهنم مع إبليس الذي أضلهم تلبية للعدل الالهي الحق جزاء ما فعلوا أو يُعطي آدم وحواء والبشر من بعدهم الذين أعلنوا الندم عن ما إرتكبوه من الخطيئة الفرصة لكي يخرجوا مما هم فيه من المعصية ليعودوا الى ارض الميعاد الحقيقية ورضا الخالق مرةََ أُخرى.فقَبِلَ أن يكون هو نفسه البديل الذي يَفدي بني البشر فَرَسم خطة الفداء , وإبتدأ بتنفيذها فوراََ . ولم تكن الخطة مفهومة لبني البشر ففهموا بالموت إنه الموت الجسدي ولم يدركوا إنهُ يتجاوز ذلك بكثير ويشمل موت الروح حيثُ يُرمى الانسان روحاََ وجسداََ في جهنم النار , وحيثُ إن الروح خالدة مدى الدهر فإن القصاص هو الاخر يكون أبدي لا ينتهي والموت يكون أبدي في جهنم.

وهنا إبتدأ الخروج الحي الحقيقي فوراََ فقال الرب :

( 8 )

تك ( 3 - 14 ) : فقال الرب الاله للحية إذ صَنعتِ هذا فأنتِ ملعونة من بين البهائم وجميع وحش البرية على صدركِ تسلكين وتُراباََ تأكلين طول أيام حياتكِ ( 15 ) وأجعلُ عداوةََ بينكِ وبين المرأةِ وبين نسلكِ ونسلها فَهُوَ يسحقُ رأسكِ وأنتِ ترصدين عقبهُ. ( 16) وقال للمرأة لاكثرن مشقات حملكِ بالالم تلدين البنين والى بعلكِ تنقادُ أشواقَكِ وهو يسودُ عليكِ ( 17 ) وقال لآدم إذ سمعتَ لصوت إمرأتك فأكلتَ من الشجرة التي نهيتُكَ قائلاََ لا تأكل منها فملعونة الارض بسببِكَ بمشقةِِ تأكلَ منها طولَ أيام حياتكَ ( 18 ) وشوكا وحسكاََ تُنبتُ لكَ وتأكل عشبَ الصحراء ( 19 ) بعرقِ وجهكَ تأكِلُ خبزاََ حتى تعودَ الى الارضِ التي أُخذتَ منها لأنكَ تُرابُُ والى الترابِ تعود. ( 20 ) ........ ( 21 ) وصَنَعَ الربُ الالهُ لادم وإمرأته أقمصةََ من جِلدِِ وكساهما. ( 24 ) فطَرَدَ آدم وأقامَ شرقي جنةِ عدنِِ الكروبينَ وبريقَ سيفِِ متقلبِِ لحراسة طريق شجرةِ الحياةِ .

نعم هنا إبتدأ الخروج فعلاَ َ, بعد سقوط آدم وحواء في الخطيئةِ مباشرةََ. وهنا إبتدأ الفداء بتغطية آدم وحواء بدم الحيوان البريء وجلده الذي غطا عورتيهما اللتين أصبحتا رمزاََ للشهوة والنجاسة والخطيئة . ولكن دم الحيوان لم يستطِع أن يغفرَ الخطيئة بل غطاها وسترها الى حين , الى أن جاء زمان الدم الغافر دم المسيح المراق على الصليب لفداء بني البشر فيقول القديس بولس:

( 9 )

العبرانيين ( 10 - 4 ) : لانه لايمكن أن دم الثيران والتيوس يُزيلُ الخطايا ( 5 ) فلذلك يقول عندَ دخولِه العالم ذبيحة وتقدمة لم تشأ لكنَكَ البستني جسداََ ( 6 ) ولم ترضى بالمحرقات ولا بذبائح الخطيئة ( 7 ) حينئذِِ قُلتُ هاءنذا آت فقد كُتِبَ عني في رأس الكتاب لاعمل بمشيئتِكَ يا الله ( 8 ) فقال أولاََ إنكَ لم تشأ الذبائح والتقادم والمحرقات وذبائح الخطيئة ولم ترضى بها وهي التي تُقرب على ما في الناموس ( 9 ) ثُم قال هاءنذا آت لاعمل بمشيتكَ يا الله . إذن فقد نزَع الاول ليقيم الثاني ( 10 ) وبهذه المشيئة قد قدسنا نحن بتقدمةِ جسد يسوع المسيح مرةََ واحدة.

وهكذا سارت البشرية من السقوط في الخطيئة الى الطردِ من الجنة ثُم الى الطوفان أيام نوح ومرحلة الناموس ( ظل الخيرات المستقبلية ) ثُم الى الفداء فداء يسوع المسيح إبن الله وهكذا تسير الى قيام الساعة والتي أصبحت وشيكةََ على الابواب. وهنا جاء غنى المسيح الذي لا يستقصى , فيقول القديس بولس :

أفسس ( 3 - 8 ) : لي أنا أصغر القديسين جميعاََ أُعطيت هذه النعمةُ أن أُبشِرَ في الامم بغنى المسيح الذي لا يستقصى ( 9 ) وأُوضِحَ للجميع ما تدبير السر الذي كان منذُ الدهور مكتوماََ في الله خالق الجميع ( 10 ) لتعلم الان حكمة الله المتنوعة لدى الرئاسات والسلاطين في السماويات بالكنيسة ( 11 ) على حسب قصد الدهور الذي أجراهُ في المسيح ربنا.

نعم لقد أخذَ الرب الاله سبحانه مثالاََ حياََ وبينهُ للبشرية , ولكن هذهِ البشرية لم تتعمق في القصد ولا المعنى, ولم تحاول حتى أن تفهم , فجعلَ الله الخليل أبرام مثالاََ حياََ لادم, وجعل من إمرأته ساراي مثالاََ حياََ ورمزاََ لحواء المشككة والتي كانت السبب في إغواء آدم وسقوطه ومعه كل الجنس البشري .

وكما إبتدأت قصة آدم وسقوطه في الجنةِ , فكذلك تبدأ قصة إبرام من أرضِ الميعاد فيقول الرب :

تك ( 12 - 1 ) : قال الرب لابرام إنطلق من أرضكَ وعشيرتكَ وبيت أبيك الى الارض التي أُريك ( 2 ) وأنا أجعلك أُمةََ كبيرة وأُباركُكَ وأُعظِم إسمك وتكون بركة ......... ( 6 ) فإجتازَ أبرام في الارض الى موضع شكيم والى بلوطة مورة. والكنعانيون حينئذِِ في الارض ( 7 ) فتجلى الربُ لابرام وقالَ لِنَسلِكَ أُعطي هذهِ الارض .فبنى هناك مذبحاََ للربِ الذي تجلى لهُ .

( 10 )

وفي تك ( 15 - 1 ) : بعد هذه الامور كان كلام الربِ الى أبرام في الرؤيا قائلاََ لا تخف يا أبرام أنا تُرسُُ لك وأنا أجركَ العظيم جداََ . ........... ( 3 ) وقال ابرام إنك لم ترزقني عقباََ فهوذا ربيبُ بيتي هو يرِثُني ( 4 ) فإذا بكلام الرب اليه قائلاََ لا يرثُك هذا بل من يخرج من صُلبِكَ هو يرثُكَ ( 5 ) ثم أخرجهُ الى خارجِِ وقال أُنظر الى السماء وأحصِ الكواكبَ إن إستطعتَ أن تحصيها . وقال له هكذا يكونُ نسلُكَ. ( 6 ) فآمن بالربِ فحُسِبَ لهُ ذلكَ براََ.

هنا نُلاحظ إن الرب أخرجَ أبرام الى الخارج وقال لهُ أُنظر هكذا يكون نسلك كنجوم السماء كثرةََ , ولم يذكر شيئاََ آخر مع نجوم السماء . والى هنا لم يكن أبرام قد أخطاْ بعد .

وقطعَ الربُ مع أبرام عهداََ أن يُعطي نسلَهُ أرضَ الميعادِ ميراثاََ.فكان الموعد والوعد . ولكن الله تقَصَدَ الغياب عن أبرام وزوجتهِ ساراي , غابَ ثلاثة عشر سنة , ترَكَهُ للترقب والامل بتحقيق وعد الله لهُ .

لقد كانَ لابد لله أن يُطيلَ الغياب على أبرام, ليسقطَ المُمَثلَ الحي لآدم في التجربة والشك ولكي يصبح الشكُ في قلبِ ساراي خطيئةََ كاملة كما سَبَقَ وأصبحَ الشكُ في قلبِ حواء خطيئةََ كاملة. فَأسقَطَتَا آدمَ والمُمَثِلَ الحي لهُ أبرام في الشكِ والخطيئةِ.

تك ( 16 - 2 ) : فقالت ساراي إمرأةُ أبرامَ هوذا قد حبسني الربُ عن الولادةِ فادخل على أمتي لعلَ بيتي يُبنى منها. فَسَمِعَ أبرام لقولِ ساراي.

نعم هكذا أصبحَ الشكُ في قلبِ ساراي خطيئةََ كاملة أوقعت أبرام في الشكِ في تدبير الله. فإبتدأ معَ إمرأتهِ في إستقصاء الطرق لكي يساعد الله لتحقيق وعدهِ لهُ . وكأن الله عاجِز عن تحقيقِ وعده. فدخلَ أبرام على هاجر أمتهِ .وكانت النتيجة إبن الجسدِ إسمعيل. والذي أصبحَ عمره ثلاثة عشر سنة قبلَ أن يظهرَ اللهُ لابرام وهو إبن تسع وتسعين سنة .وقالَ اللهُ لهُ :

( 11 )

تك ( 17 - 1 ) : ولما كان أبرام إبن تسع وتسعينَ سنة تجلى له الربُ وقال له أنا اللهُ القدير اسلُك أمامي وكُن كاملاََ ( 2 ) فاجعل عهدي بيني وبينكَ وأُكثركَ جداََ جداََ. ( 3 ) فسقَطَ أبرام على وجهِهِ.وخاطبهُ الله قائلاََ ( 4 ) ها أنا أجعلُ عهدي معكَ وتكونُ أبَا جمهورِ أُممِِ ( 5 ) ولا يكون إسمُكَ أبرام بعد بل يكون اسمك إبراهيم لاني جعلتُكَ أبا جمهورِ أُممِِ ( 6 ) ...... ( 7 ) ...... ( 8 ) ... ( 9 ) وقال الله لإبراهيم وأنت فاحفظ عهدي أنتَ ونسلكَ من بعدكَ مدى أجيالهم ( 10 ) هذا هو عهدي الذي تحفظونه بيني وبينكم وبين نسلك من بعدكَ يُختنُ كل ذكرِِ منكم. ( 11 ) فتختنون القلفة من أبدانكم ويكون ذلكَ علامةَ عهدِِ بيني وبينكم. ( 12 ) وإبنَ ثمانية أيام يُختنُ كل ذكرِِ منكم مدى أجيالكم المولود في منازلكم والمشترى بفضةِِ من كلِ غريبِِ ليس من نسلِكم ..... ( 14 ) وأي أقلفَ من الذكور لم تختن القلفة من بدنه تقطعُ تلكَ النفسُ من شعبها إذ قد نُقِضَ عهدي . ( 15 ) وقال الله لابراهيم ساراي امرأتُكَ لا تُسَمِهَا ساراي بل سارةَ . ....... ( 18 ) فقال إبراهيم لله لو أن إسمعيل يحيا بين يديكَ ( 19 ) فقال الله بل سارة امرأتُك ستلدُ لك إبناََ وتسميه إسحقَ وأُقيمُ عهدي معه عهداََ مؤبداََ لنسله من بعده ( 20 ) وأما إسمعيلُ فقد سمعتُ قولكَ فيه وهاءنذا أُباركهُ وأُنميهِ وأُكثِرهُ جداََ جداََ ويلدُ اثنى عشر رئيساََ وأجعلهُ أُمهََ عظيمة . ( 21 ) غير إن عهدي أُقيمه مع إسحق الذي تلده لكَ سارة في مثلِ هذا الوقتِ من قابلِِ .

نرى هنا ان الله يقول لآبرام أسلُك أمامي وكن كاملاََ . نعم قد قال الله لهُ ذلك لانه قد أخطاْ فيقول له كن كاملاََ . فههنا بعد الزلةِ بعد السقوط , يُعطي الله لآبرام عهداََ ويضع علامة للعهد " ابن ثمانية أيام يختن" وأي أقلف من الذكور لم تختتن القلفة من بدنه تقطع تلك النفس من شعبها إذ قد نُقِضَ عهد الرب .ونرى إنَ إبرام يَسقطَ على وجهه أمامَ الرب لانهُ قد أخطاْ. هذا وإن الرب طلب الختان لكلِ شخص في بيت إبراهيم من ابن ثمانيةِ أيام ولم يقل الى أن يصل الولد سن الرشدِ إسألوه ليفهم ويختار.

هنا يعطي الربُ لأبراهيمَ عهداََ تماماََ كما سَبَقَ وأعطى لآدم عهداََ بأن يُخَلِصهُ من عبوديةِ إبليس التي وقع فيها. فقام الرب بتغطية عورة آدم التي أصبحت رمزاََ لخطيئته بجلدِ الحيوان البريء الذي سُفِكَ دمه فداءََ لآدم . ولم تكن الخطة مفهومة لبني البشر حيثُ إنهم كانوا يُعانون من الطرد من الجنة . وأخيراََ فَهِمَ هابيل المعنى فَقَدَمَ من أبكارِ غنمِهِ تقدمةََ للرب. فقبلَ الربُ تقدمة هابيلَ لانها رمزت الى الفداء المعد لخلاص بني البشر. أما قاين فإنهُ لم يفهم فقدمَ من ثمرِ الارض تقدمةََ للرب فلَم تقبلَ منهُ.وهذا ما شقَ على قاين جداََ وسقَطَ وجهه ,ولما كانا في الصحراء وثَبَ على أخيهِ هابيلَ وقتَلَهُ. وهنا كانت الجريمة الاولى وإبتَدأت الجرائم والخطايا تتلاحق وتتوالى .

( 12 )

ولكي يتم قصدُ الله في إتخاذِ أبرام مثالاََ حياََ لادم الساقط يُغير عز جلاله إسم أبرام فيقول : لا يكون إِسمكَ أبرام من بعد بل يكون إسمكَ إبراهيم لأني جَعَلتُكَ أبا جمهور أمم. وأيضاََ ساراي إمرأتك لا تُسمها ساراي بل سمها سارة.

فهنا يبين الله سبحانه لإبراهيم القصد ويقول : " إنك من هذه اللحظة أصبحتَ ممثِلاََ حياََ على مسرح الحياة. دورُكَ هو دور آدم , ولهذا ستكون مثله أبا لجمهور أممِِ . ومن الان فصاعداََ يتغير إسمك وإسم زوجتك . وتبدأ المسرحية الحية على مسرح الحياة لتحكي بطريقةِِ حية طريق الخلاص الذي أعدهُ الربُ لبني البشر.وحتى يفهم البشر كافة هذا الطريق .

وهنا نلاحظ إن الرب يقول لابراهيم إني جعلتكَ أبا جمهور امم. ولم يقل ابا لبني إبراهيم ولا لنسل إبراهيم وانما أباََ لجمهور امم. وهنا لا يتأخر الله بالوعد كما في المرةِ الاولى بل يقول: ففي مثل هذا الوقت من قابل ستلدُ لكَ سارة ابناََ.

ثُمَ تطردُ الامة وابنها, وعندما يصعبُ الامر على إبراهيم وتلح سارة عليه بالطرد يتدخل الله ويقول لهُ :

تك ( 21 - 12 ) : فقال الله لإبراهيم لا يسؤ في عينيكَ أمرُ الصبي وأمرُ امتكَ. كل ما تقوله لك سارة فاسمع لقولها لانه بإسحق يُدعى لك نسلُُ.

ويقول القديس بولس في :

غلاطية ( 4 - 22 ) : فانه مكتوب إنه كان لإبراهيم إبنان أحدهما من الامة والاخر من الحرة ( 23 ) غير إن الذي من الامة ولِدَ بقوة الجسد, أما الذي من الحرة فبقوةِ الموعد ( 24 ) وذلك إنما هو رمز لان هاتين هما الوصيتان أحداهما من طور سيناء تلد للعبوديةِ فهي هاجَر. ( 25 ) فإن سيناء هو جبل في ديار العرب ويُناسب أورشليم الحالية لأن هذه حاصلة في العبودية مع بنيها ( 26 ) أما أورشليم العُليا فهي أُمنا ( 27 ) لانه كُتب إفرحي أيتها العاقر التي لم تلد إهتفي واصرخي أيتها التي لم تتمخض لان أبناء المهجورة أكثر من أبناء ذات البعل ( 28 ) فنحن أيها الاخوة أبناء الموعد مثل إسحق ( 29 ) غير انه كما كان حينئذِِ المولود بحسب الجسد يضطهد المولود بحسب الروح فكذلك الان ( 30 ) ولكن ماذا يقول الكتاب , اطرد الامة وإبنها فإن إبن الامة لا يرثُ مع إبن الحرة ( 31 ) إذن أيها الاخوة لسنا بني الامة بل بني الحرة وهذهِ هي الحرية التي حررنا بها المسيح .

وهنا بعد طرد إسمعيل وأمه.يعود الرب ويطلب من إبراهيم طلباََ كما في :

( 13 )

تك ( 22 - 2 ) : قال خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحق وامضِ الى أرض مورية وأصعده مُحرقةََ على أحد الجبال الذي أُريكَ ( 3 ) فبكر إبراهيم من الغداة وأكفَ حمارهُ وأخذَ معه غلامين وإسحقَ ابنهُ وشققَ حطباََ لمحرقةِِ ومضى الى الموضع الذي أشارَ له اللهُ اليهِ ( 4 ) وفي اليوم الثالث رفعَ إبراهيمُ طرفهُ فأبصرَ الموضعَ من بعيدِِ ( 5 ) فقال لغلاميهِ امكثا أنتما ههنا مع الحمار وأنا والغلام نمضي الى هناك فنسجُدُ ونرجِعُ اليكما ( 6 ) وأخذ إبراهيمُ حطبَ المحرقةِ وجعلهُ على إسحق إبنهِ وأخذ بيده النارِ والسكين وذهبا كلاهما معاََ. ....( 9 ) فلما أفضيا الى الموضع الذي أشارَ لهُ اللهُ اليه بنى إبراهيم هناك المذبح ونضد الحطب وأوثقَ إسحقَ ابنه والقاهُ على المذبح فوق الحطبِ ( 10 ) ومد إبراهيم يده فأخذ السكين ليذبح ابنهُ ( 11 ) فناداه ملاكُ الرب ...... ( 12 ) قال لا تمدد يدك الى الغلامِ ولا تفعلَ به شيئاََ فإني الان عرفتُ أنك متقِ لله فلم تذخرِ ابنك وحيدكَ عني ( 13 ) فرفع إبراهيم طرفه ونظر فإذا بكبشِِ وراءهُ معتقلِِ بقرنيهِ في الجدادِ. فعمد إبراهيم الى الكبشِ وأخذه وأصعده محرقة بدل ابنهِ. ..... ( 15 ) ونادى ملاكُ الرب إبراهيم ثانيةََ من السماء ( 16 ) وقال بنفسي إقسمتُ يقول الربُ بما أنكَ فعلتَ هذا الامر ولم تذخر ابنك وحيدك ( 17 ) لأُباركنك وأُكثرن نسلكَ كنجومِ السماء وكالرملِ الذي على شاطيء البحر ويرِثُ نسلُكَ باب أعدائهِ.

( 14 )

عندما إمتحنَ اللهُ إبراهيم وطلب منه إصعاد إسحق محرقة على جبلِ في ارضِ مورية . إستجاب إبراهيم ولم يُمسك . وهنا نسال لماذا وضع إبراهيم الحطب على ظهرِ إسحق إبنه ؟ لماذا لم يرفعَ الحطبَ هو نفسه ؟؟فقد كان إسحق صغيراََ ؟

والجواب لقد فعلَ إبراهيمُ ذلك من دون أن يُفَكِرَ بالامر . ولكن ذلك كانَ لاتمامِ النبؤة من دون أن يعلم هو . وحيثُ إن الله طلب أن يُقَدَمَ إسحق وحيد إبراهيم وهو عالمُُ بان إبراهيم سيُلبي الطلب . وبانه لن يدع إبراهيم أن يفعلَ به شيئاََ . فلماذا هذا الطلب إذاََ ؟؟

وهنا نرى إن الله سبحانه كان يُريد أن يفهِم إبراهيم والبشرية بانه هو سوف يقدِمَ ابنه المسيح ذبيحة ولهذا إستبدلَ إسحق بالكبشِ الذي كان رمزاََ للمسيح . وحيثُ أن المسيح حملَ صليبه على ظهرهِ وسار به الى الفداء . كذلكَ هنا وضع إبراهيم حطب المحرقة على ظهر إسحق رمزاََ بصليب المسيح الفادي . وفي نفسِ المكان الذي قدمَ فيهِ إبراهيم الكبش بدل إبنَهُ والذي أصبحَ لاحقاََ بيدراََ لأرنان اليبوسي والذي إشتَراهُ الملك داؤد منهُ وبُنِي الهيكل فيه والذي منهُ إبتدأ خروج المسيح لإتمام الفداء فحملَ صليبه وأكملَ فِداء البشر .

ونلاحِضُ أيضاََ إن الله يَعُِد إبراهيم "لاباركنك وأُكثرن نسلك كنجوم السماء وكالرمل الذي على شاطيء البحر ويرثُ نسلك باب أعدائه .

هذا الوعد ولاولِ وهلة هو واحد ويعني الكثرة والعدد الوفير لنسلِ إبراهيم . ولكنهُ في الحقيقة وعدُ من شقين . الاول : كنجوم السماء التي لا تحصى , وهذا هو لنسلِ الموعد والذين هم من إيمان إبراهيم أي الشعب السماوي أي أبناء أورشليم السماوية المخلصين, أبناء الايمان, أي شعب الله المختار الحقيقي . وهذا ما نراه واضحاََ في :

تك ( 26 - 1 ) : وكان في الارض جوع غير الجوع الاول الذي كان في أيام إبراهيم فمضى إسحق الى أبيملك ملك فلسطين في جرارَ ( 2 ) فتجلى له ملاك الرب وقال لا تنزل الى مصرَ بل أقم بالارض التي أُعينها لكَ ( 3 ) انزل هذه الارض وأنا أكون معكَ وأُبارككَ لاني لك ولِنسلكَ سأعطي جميع هذه البلاد وأفي بألقسمِ الذي أقسَمتُه لابراهيم أبيكَ ( 4 ) وأُكثِر نسلكَ كنجومِ السماءِ وأُعطيهم جميع هذهِ البلاد ويتبارك في نسلكَ جميع أُممِ الارض .

وأيضاََ قالَ ذلكَ النبي موسى لبني إسرائيل في :

التثنية ( 1 - 9 ) : وقلتُ لكم في ذلك الوقتِ إني لا أستطعُ أن أتحملكم وحدي ( 10 ) إن الرب الهكم قد كثركم وها أنتمُ اليومَ كنجومِ السماءِ كثرةَ.

وأيضاََ في : دانيال ( 8 - 9 ) : وخرج من واحد منها قرن صغير ثُمَ تعاظمَ جداََ نحو الجنوب والشرق ونحو فخرِ الاراضي ( 10 ) وتعاظم حتى على جند السماء وأهبط الى الارض بعض الجند والكواكب وداسها .

أي تعاظمَ على أبناء الموعد وسحقهم وداسهم . وأيضاََ في :

دانيال ( 12 -1 ) : . ويكون وقتُ ضيق لم يكن منذُ كانت أمة الى ذلكَ الزمان. وفي ذلك الزمان ينجوا شعبُكَ كل من يوجد مكتوباََ في الكتاب ( 2 ) وكثيرون من الراقدين في تراب الارض يستيقظون بعضهم للحياة الابدية وبعضهم للعار والرذل الابدي ( 3 ) ويُضيءُ العقلاءُ كضياء الجَلد والذين جَعَلوا كثيرين أبراراََ كالكواكب الى الدهر والابد .

( 15 )

وفي الرؤيا ( 12 - 4 ) : يقول : وقد جر ذنبه ثلُثَ كواكب السماء والقاها على الارض ووقف التنين قبالة المرأة المشرفة على الولادة, ليبتلعَ ولدها عندما تلده.

أي قتل المخلصين وشعب الله المختار الحقيقي .

وأما الشق الثاني من الوعد : الذي كالرمل الذي على شاطيء البحر الذي لا يحصى هذا هو لنسلِ إبن الجسد إسمعيل , والذين هم من نسلِ أعمالِ الجسد الارضيين أبناء أورشليم الارضية الحاصلة في العبودية مع بنيها. وهذا ما نراه واضحاََ في :

الرؤيا ( 20 - 7 ) : ......... وإذا تمت الالف سنة يُحَلُ الشيطان من سجنه ويخرج ليضل الامم الذين في زوايا الارض الاربع جوج وما جوج ليحشدهم للقتال في عدد كرمل البحر. ... ( 9 ) فهبطت نارُُ من عندِ الله من السماء وأكلتهم . .... .

لاحظ في الحالتين رمل البحر . وهنا نقول أي شركة بين البر والاثم . وأية مخالطة للنورِ مع الظُلمةِ .

ولقد سمح الله بطردِ إسمعيل حيثُ كان لابد من الطردِ لِمنعِ تكرار الحادثةِ الاولى التي حصلت حينَ بقي إبنا آدم هابيل وقاين معاََ فقتَل قاين هابيل حيثُ شَقَ عليه رضا الله عن أخيه هابيل .فكان على الله أن يُعوضَ هابيل بشيت . وتكاثر نسلا قاين القاتل ونسل شيت أو ما يُسميهما الكتاب ببني الناس وبني الله وعندما تداخلَ النَسلان وتزاوجا فسدت الارض وأتى الطوفان بعدها .وحيثُ أن الله قد وعد بني نوح أن لا يكون طوفان مرة أُخرى ( تك 9 - 11 ) .فوجَب الفصل بين إبن الجسد وإبن الموعد. ولمنعِ تكرار هذهِ الحوادث ثانية يتدخل الله ويسمح بطرد إسمعيل بالرغمِ من قساوة ذلك, ولكن الله وعد إبراهيم بأنه هو نفسه سوف يرعى إسمعيل ويجعله أُمة عظيمة.

تك ( 17 - 20 ) : وأما إسمعيل فقد سمعتُ قولك فيه وهاءنذا أُباركهُ وأُنميهِ وأُكثرهُ جداََ جداََ ويلدُ اثني عشرَ رئيساََ وأجعلهُ أُمةََ عظيمة .

وهنا أيضاََ نمى بني إسحق ويعقوب وأصبحوا إثنا عشر سَبطاََ , وبني إسمعيل أصبحوا إثنا عشر زعيم قبيلة ولكن هذه المرة لا يتداخل النسلان بسببِ الفصل الذي حصل ولا يحصل القتل المبكر بين الاخ وأخيه الجسدي .

( 16 )

تك ( 32 - 27 ) : فقال له ما إسمكَ . قال يعقوبُ ( 28 ) قال لا يكون اسمكَ يعقوبَ فيما بعد بل إسرائيلَ لانك إذ رؤستَ عند الله فعلى الناسِ أيضاََ تستظهر . ( 29 ) وساله يعقوب وقال عرفني اسمكَ. فقال لِمَ سؤالكَ عن إسمي وباركهُ هناك ( 30 ) وسمى يعقوب الموضع فنوئيلَ قائلاََ إني رأيتُ الله وجهاََ لوجهِِ ونجت نفسي .

هنا يغير الرب إسم يعقوب الى إسرائيل ويعلمه بانه قد رُؤِسَ عند الله وياخذ دوره في المسرحية الحيةِ هذهِ .

تك ( 46 - 2 ) : فكلم الله إسرائيل ليلاََ في الحلمِ وقال يعقوبُ يعقوبُ قالَ هاءنذا . ( 3 ) قال أنا الله الهُ أبيكَ لا تخَف أن تهبطَ مصر فإني سأجعلُكَ أُمةََ عظيمةََ ( 4 ) أنا أهبِطُ معكَ الى مصرَ وأنا أُصعِدُكَ ويوسفُ هو يُغمضُ عينيكَ .

وهنا نرجع قليلاََ الى سفر التكوين الخامس عشر لكي نفهم الاحداث الحاصلة : ونسمعُ كلام الرب الى إبرام في :

تك ( 15 - 7 ) : وقال له أنا الربُ الذي أخرجكَ من أورِ الكلدانينَ لأُعطيكَ هذه الارضَ ميراثاََ لكَ ( 8 ) فقال ( أبرام ) اللهُمَ يا ربِ بماذا أعلمُ إني أرِثُها ...... ( 12 ) ولما صارت الشمسُ الى المغيبِ وقعَ سباتُُ على أبرام فإذا برُعبِ ظُلمةِِ شديدةِِ قد وقعَ عليهِ ( 13 ) فقال لابرام إعلم يقيناََ أن نسلَكَ سيكونون غُرباءَ في أرضِِ ليست لهم ويستعبدون لهم أربعَ مئةِ سنةِِ ( 14 ) ثم الامة التي يستعبدون لها سأُدينها وبعد ذلكَ يخرجون .... .

( 17 )

لقد كان الله عزَ جلاله قادراََ أن يهبَ أبناء الموعد الحنطة الوفيرة وهم في أرضِ فلسطين ولا يسمح بدخولهم أرض مصر ولكنه لم يفعل ذلك حتى يتطابق حال الرمز ( أبناء الموعد ) مع حال المرموز اليه ( أدم وحواء وبني البشر ) وكما استُعبِدَ الجنس البشري من أجلِ أكلةِِ من شجرةِ معرفةِ الخيرِ والشرِ , وكما كانَ سبحانهُ سابِقَ العلم بأن إبليس سوف يوقِع آدم وحواء في الخطيئة ويصبح آدم وحواء والجنس البشري عبيداََ لابليس والخطيئة والموت. كذلكَ هنا أيضاََ سمح الله سبحانه أن يدخلَ أبناء الموعد أرض مصرَ وهو عالمُُ مسبقاََ بان فرعون مصرَ سوفَ يستعبدهم ويبقوا هناك في مصر نحو أربع مئة سنة.وكما وضع الله خطة الفداء فور سقوط آدم وحواء في عبودية إبليس وإبتدأ الخروج الحقيقي لبني البشر من عبودية إبليس والخطيئة , كذلك هنا يتدخل الله لتخليص أبناء الموعد من عبودية فرعون مصرَ ويَبدأ الخروج الرمز لأبناء الموعد من مصر دار العبودية .

فههنا أصبح فرعون ملك مصر في المسرحية الحية هذهِ مثالاََ حياََ لابليس وأصبحت أرض مصر هنا رمزاََ ومثالاََ حياََ لدار العبودية لابليس والخطيئة. وإبتدأ خروج شعب الله المختار الرمز ( أبناء الموعد ) من دار العبودية الرمز عندما تجلى ملاك الرب لموسى في لهيب نار في وسطِ العليقة عند جبل الله حوريب .

خروج ( 3 2 ) : فتجلى له ملاك الرب في لهيب نار من وسطِ العليقةِ فنظرَ فإذا العليقةُ تتوقد بألنار وهي لا تحترق. ( 3 ) فقالَ موسى أميلُ وأنظر هذا المنظرَ العظيمَ ما بالُ العُليقَةِ لا تحترقُ ( 4 ) ورأى الربُ إنهُ قد مالَ لينظرَ فناداهُ اللهُ من وسَطِ العليقةِ وقال موسى موسى. قال هاءنذا. ( 5 ) قال لا تدنُ الى ههنا إخلَع نعليكَ من رجليكَ فإن الموضِعَ الذي أنتَ قائمُُ فيهِ أرضُُ مقدسة. ( 6 ) وقال أنا الهُ أبيكَ الهُ إبراهيمَ وإلهُ إسحقَ والهُ يعقوبَ. فستَرَ موسى وجههُ إذ خافَ أن ينظُرَ الى الله. ( 7 ) فقال الربُ إني قد نظرتُ الى مذلةِ شعبي الذين بمصر وسمعتُ صراخهم من مسخريهم وعلِمتُ بكربهم. ( 8 ) فنزلتُ لانقذهم من أيدي المصريين وأخرجهم من تلك الارض الى أرضِِ طيبةِِ واسعةِِ أرضِِ تدرُ لبناََ وعسلاََ الى موضعِ الكنعانيين والحثيين والاموريين والفرزيين والحويين واليبوسيين. ........... ( 10 ) فالان تعالَ أبعثُكَ الى فِرعون وأخرج شعبي إسرائيلَ من مصر. ........ .

وفي : الخروج ( 7 1 ) : فقالَ الربُ لموسى أنظر قد جَعلتُكَ الهاََ لفرعون وهرون أخوك يكون نبِيُكَ. ( 2 ) أنت تتكلم بجميعِ ما آمُركَ بهِ وهرونُ أخوكَ يخاطِبَ فرعونَ أن يُطلِقَ بني إسرائيل من أرضهِ ( 3 ) وأنا أُقسي قلب فرعون وأُكثِر آياتي ومعجزاتي في أرضِ مصرَ .

( 18 )

فخرجَ شعبُ الله المختار الرمز من مصر يقوده النبي موسى بأمرِ الرب. وفي هذهِ المسرحيةِ الحية, أخذَ النبي موسى دورَ الله الحي في الخروج الرمز , وهرون أصبحَ دوره هو دور النبي الذي يأتمر بامر الله ويأمر فرعون أي إبليس بان يُطلِق الشعب المخلص المختار الرمز من دار العبودية الرمز. ونُلاحظ ان الله سبحانه يقول : إني أُقسي قلب فرعون . وهذا سبَبُهُ إنه لا يوجد إنسان مهما بلَغَ من الجبروت والقسوة يستطِع أن يُجيد دور إبليس, ولذلك يتدخل الله ويُقسي قلب فرعون حتى يستطع فرعون أن يُجيد دور إبليس المؤكل اليهِ في مثالنا الحي هذا.

فصنع موسى وهرون كما أمرهما الربُ , وبعد الايات والاعاجيب الكثيرة لم يستطع فرعون رمز إبليس الا الرضوخ لارادة الله بالسماح لبني إسرائيل بالخروج من مصر دار العبودية الرمز.فخرجَ شعبُ الله الرمز من مصر وفرعون رمز إبليس لا زال يلاحقه.

الخروج ( 14 19 ) : فإنتقل ملاكُ الله السائر أمام عسكر إسرائيل فصار وراءَهم وإنتقلَ عمودُ الغمام من أمامهم فوقفَ وراءَهم ( 20 ) ودخل بين عسكر المصريين وعسكر إسرائيل فكان من هنا غُماماََ مظلماََ وكان من هناك ينير الليل فلم يقترب أحد الفريقين من الاخر طول الليل ( 21 ) ومد موسى يدهُ على البحر فأرسل الربُ على البحر ريحاََ شرقية شديدة طول الليل حتى جعل في البحر جفافاََ وقد إنشق الماءُ.( 22 ) ودخل بنو إسرائيل في وسط البحر على اليبس والماءُ سور لهم عن يمينهم وعن يسارهم ( 23 ) وتبعهم المصريون ودخلوا وراءَهم جميع خيل فرعون ومراكبه وفرسانهُ الى وسطِ البحرِ ( 24 ) ..... ( 26 ) فقال الربُ لموسى مد يدك على البحر فيرتد الماء على المصريين على مراكبهم وفرسانهم ( 27 ) فمد موسى يدهُ على البحر فإرتد البحر عند إنبثاقِ الصبحِ الى ما كان عليهِ والمصريين هاربون تلقاءَهُ فغرقَ الربُ المصريين في وسط البحر. ( 28 ) ورجعت المياه فغطت مراكبَ وفرسان جميعِ جيش فرعون الداخلين وراءَهم في البحر ولم يبق منهم أحد.

وهنا نرى إن إبليس لم يستطع الا الرضوخ لارادة الله وقوته وتدبيره, فلم يستطع التمسك ببني البشر , ولكنه لا يزال يلاحق كل واحدِِ منا , وهو قوي , قوي جداََ لم يستطع فرعون مصر أن يُجيدَ دوره بدون تقسية خاصة. فلابد أن يكون الله معنا لنبتعد عن إبليس , ويفصل الله بيننا وبينه تماماََ كما فعل عمود الغمام بين جند فرعون وشعب الله المختار الرمز.

( 19 )

العدد ( 1 1 ) : وكلم الربُ موسى في برية سيناء في خيمة الاجتماع في اليوم الاول من الشهر الثاني من السنة الثانية لخروجهم من أرضِ مصرَ قائلاََ ( 2 ) إحصوا جماعة بني إسرائيل بعشائرهم وبيوت آبائهم بعدد أسمائهم كل ذكرِِ برأسهِ ( 3 ) من إبن عشرين سنة فصاعداََ كل من يخرج الى الحرب في إسرائيل تُحصيهم أنت وهرون بحسبِ جيوشهم . .... ( 45 ) وكان جميع المعدودين من بني إسرائيل بحسبِ بيوتِ آبائهم من إبن عشرين سنة فصاعداََ كل خارج الى الحرب في إسرائيل ( 46 ) كان جميع المعدودين ست مئةِ الفِِ وثلاثةَ آلافِِ وخمسَ مئةِِ وخمسينَ .

والان دعنا نسال لماذا لم يُعَبِرَ الله بني إسرائيل على اليبس بدل شقِ البحر الاحمر؟ فقد كان بألامكان الفصل بين الاسرائلين والمصريين من دون الحاجة الى إغراقِ جند فرعون . فإن قناة السويس لم تكن قد حُفِرت بعد . ؟؟؟

نرى إنه لو لم يغرق جند فرعون, ويموتوا خنقاََ بماءِ البحرِ لكانَ المثال الذي إعطاهُ الله خاطئاََ وناقصاََ . فلقد كان لابدَ لله العلي أن يغرقهم بماء البحر, وذلكَ رمزاََ لخلاص المخلصين بني نوح أيام الطوفان حين خلصهم الله وعلى اليبس في داخل السفينة. وقد أغرقَ اللهُ جميع الخطاة بماء الغمر العظيم فشق البحر الاحمر لم يكن الا رمزاََ لايام الطوفان العظيم .

هنا نود أن نُذكِرَ منكري الطوفان الشامل إن غرق المصريين في البحر الاحمر لم يكن الا رمزاََ للطوفان في أيام نوح. ودعنا نسأل كيف إنقرضت الديناصورات وطيور الرخ وغيرها من وجه الارض؟؟ فهنا يبحثُ منكري الطوفان عن كوكباََ يضرب الارض او أيةِ مصيبةِِ أُخرى تضرب الارض لتفسِرَ لهم هذا الانقراض . وهم يتناسون تناسياََ طوعياََ السبب الحقيقي لهذا الانقراض والمذكور في الكتاب المقدس تحت عنوان الطوفان أيام نوح .

وهنا في صحراء سيناء أعطى الربُ الاله شعبه ناموس الوصايا العشرة, وأحكام الشريعة وأحكام ذبائح الخطيئة والسلامة. وعملوا مقدساََ للرب ليسكن الله فيما بينهم, كما أمر الربُ موسى قائلاََ :

( 20 )

الخروج ( 25 8 ) : فيصنعون لي مقدساََ فأسكنُ فيما بينهم ( 9 ) بحسبِ جميع ما أنا مريكَ من شكل المسكن وشكل جميع آنيتهِ كذلكَ فاصنعوا ( 10 ) يعملون تابوتا من خشبِ السنط يكون طوله ذراعين ونصفاََ وعرضهُ ذراعا ونصفا وسمكه ذراعا ونصفاََ ( 11 ) وغشه بذهب خالص من داخل ومن خارج تُغشيه وأصنع عليه إكليلاََ من ذهب محيطاََ به ( 12 ) ...... ...( 16) واجعل في التابوت الشهادة التي أُعطيكها ( 17 ) واصنع غطاء من ذهبِِ خالص يكون طوله ذراعين ونصفاََ في عرضِ ذراعِِ ونصفِِ ( 18 ) وإصنع كروبين من ذهب صنعة طرقِِ تصنعهما على طرفي الغطاء ( 19 ) تصنع كروبا على هذا الطرفِ وكروبا على ذاك الطرف من الغطاء تصنعُ الكروبين على طرفيهِ

( 20 ) ويكون الكروبان باسطين أجنحتهما الى فوقُ مظللين باجنحتهما على الغطاء وأوجههما الواحد الى الاخر والى الغطاء تكون أوجههما ( 21 ) وتجعل الغطاء على التابوت من فوق وفي التابوت تضع الشهادة التي أعطيكها. ...... ( 23 ) واصنع مائدةََ من خشب السنط ... ( 24 ) وغشها بذهبِِ خالص وضع لها إكليلاََ من ذهب يحيطُ بها ........ ( 29 ) واصنع قصاعها ومجامرها وكؤوسها وجاماتها التي يسكبُ بها من ذهب خالص تصنعها ( 30 ) واجعل على المائدة خُبزَ الوجوهِ بين يدي دائماََ ( 31 ) واصنع منارةََ من ذهبِِ خالص صنعة طرق تعملها ............... ( 32 ) ولتكن ست شعبِِ متفرعة من جانبيها ثلاثُ شعبِِ من جانبها الواحد وثلاثُ شُعبِِ من جانبها الاخرِ ......( 37 ) واصنع سرجها سبعةِِ وإجعلها عليها لتُضيءَ على جهة وجهها. .... ( 40 ) فانظُر واصنع على المثالِ الذي أنتَ مُرَاهُ في الجبلِ.

( 21 )

وفي : الخروج ( 26 - 1 ) : واصنع المسكن عشر شققِِ من بوص مبروم وإسمنجوني وأُرجوان وصبغِ قرمزِِ بكروبين صنعة نساجِِ حاذق تصنعها ( 2 ) طول كل شقةِِ ثمان وعشرون ذراعاََ في عرضِ أربعِ أذرعِِ. قياس واحدُُ لجميع الشققِ ( 3 ) خمسُ شقق تكون موصولة بعضها ببعض والخمس الشقق الاخرى تكون موصولة بعضها ببعضِِ ( 4 ) واصنع عري من إسمنجوني لحاشية الشقة الطرفية من الموصل الواحدِ وكذلك تصنع لحاشية الشقة الطرفية من الموصل الثاني ( 5 ) خمسين عروة تصنع للشقة الواحدة وخمسين عروة لطرف الشقة الطرفية من الموصل الثاني ولتكن العري متقابلة إحداها الى الاخرى ( 6 ) واصنع خمسين شظاظاََ من ذهب وضم الشقتين الواحدة الى الاخرى بالاشظةِ فيصير المسكن واحداََ( 7 ) واصنع شققاََ من شعرِ مِعزى خيمة فوقَ المسكن إحدى عشرةَ شُقةََ تصنعها ( 8 )

طول كل شقة ثلاثون ذراعاََ في عرضِ أربعِ أذرع قياسُُ واحد للاحدى عشرةَ شُقةََ ( 9 ) وتضم خمس شقق على حدة وست شُقق على حدةِِ وتثني الشقة السادسة في وجه الخيمة ( 10) وتصنع خمسين عروة على حاشية الشقة المتطرفة من الموصل الواحد وخمسين عروة على حاشية الشقة من الموصل الثاني ( 11 ) وتصنع خمسين شظاظاََ من نحاس وتدخل الاشظة في العرى وتضُم الخيمة فتصير واحدة ( 12 ) والفاضل من شقق الخيمة تسبِلُهُ نصف الشقة الموصلة الفاضل يُسبلُ على مؤخر المسكنِ ( 13 ) والذراعُ من ههنا والذراعُ من هناك وهو الفاضل من طول شققِ الخيمة يكون مسبلاََ على جانبي المسكن من هنا ومن هُنا ليُغطيَهُ ( 14 ) واصنع غطاء للخيمة من جلود كباشِِ مصبوغةِِ بالحمرةِ. وغطاء من جلود تخس إسمنجونية من فوق . ( 15 ) واصنع الواحاََ للمسكن من خشب السنط قائمةََ ( 16 ) عشرُ أذرعِِ طول كل لوحِِ وذراعُُ ونصفُُ عرضهُ

( 17 )ولتكن للوح منها رجلانِ متقابلتان إحداهما بإزآءِ الاخرى. كذلك تصنع لجميعِ الواح المسكن ( 18 ) وتصنع الالواح للمسكن عشرين لوحاََ جهة مهب الجنوبِ ( 19 ) وتصنع أربعين قاعدة من فضةِِ تحت العشرين لوحاََ قاعدتين قاعدتين تحت كل لوح لرجليهِ ( 20 ) ولجانب المسكن الثاني من جهة الشمالِ تصنع عشرينَ لوحاََ ( 21 ) وأربعينَ قاعدةََ من فضة قاعدتين قاعدتين تحت كل لوحِِ ( 22 ) وفي مؤخر المسكن جهة الغربِ تصنع ستة الواح ( 23 ) ولوحين تصنعهما في زاويتي المسكن في المؤخرِ ( 24 ) ويكونان مزدوجين من أسفل على السواء الى أعلاهما الى الحلقة الاولى. كذلك يكونان كلاهما للزاويتينِ ( 25 ) فهناك ثمانية الواحِِ قواعدها من فضة ست عشرة قاعدة قاعدتان قاعدتان تحت كل لوح. ( 26 ) وتصنع عوارضَ من خشب السنط خمساََ لالواح الجانب الواحد من المسكن ( 27 ) وخمس عوارض لالواح الجانب الاخر من المسكن وخمس عوارضَ لالواح جانب المسكن في المؤخرِ جهة الغربِ ( 28 ) والعارضة الوسطى في وسطِ الالواحِ نافذةُُ من الطرفِ الى الطرفِ. ( 29 ) وتغشي الالواحَ بذهبِِ وحلقها تصنعها من ذهب مكاناََ للعوارضِ وتغشي العوارضَ بذهبِِ . ( 30 ) وانصب المسكن بهيئته التي أُريتها في الجبل. (31 ) واصنع حجاباََ من إسمنجوني وأُرجوانِِ وصبغ قرمز وبوص مبروم صنعة نساج حاذق يصنعهُ بكروبينَ( 32 ) وتجعلهُ على أربعة أعمدة من سنط مغشاةِِ ذهباََ عقاقيفها من ذهب ولها أربعة قواعد من فضة ( 33 ) وتجعل الحجاب تحت الاشظة وتدخل الى هناكَ داخل الحجاب تابوت الشهادة فيكون الحجاب لكم فاصلاََ بين القدس وقدس الاقداس. ( 34 ) وتجعل الغطاءَ على تابوت الشهادة في قدس الاقداس ( 35 ) وتقيم المائدة خارج الحجاب والمنارة تجاهها الى الجانب الجنوبي من المسكن والمائدة تجعلها الى الجانب الشمالي.( 36 ) وتصنع ستاراََ لباب الخيمةِ من إسمنجوني وأُرجوان وصبغ قرمز وبوص مبروم صنعة الطرازِ ( 37 ) وتصنعُ للستارة خمسة أعمدةِِ من سنط وتغشيها بذهبِِ وتكون عقاقيفها ( رززها ) من ذهبِِ وتسبكُ لها خمس قواعد من نحاسِِ .

( 22 )

بقلم / عبد الاحد داؤد

6 / 7 / 1994  


"إكمل"
"إرجع إلى ألبداية"